اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
145178 مشاهدة print word pdf
line-top
بعض الوصايا الخاصة بالحاج ( تابع )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسعد الله أوقاتكم بكل خير، نحمد الله ونشكره، ونثني عليه ونستغفره، ونسأله من فضله العظيم أن يوزعنا شكر نعمه، وأن يدفع عنا نقمه.
ونشهد أن لا إله إلى الله، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه.
أذكركم أيها الإخوة بهذا الفضل العظيم الذي هو منة الله عليكم حتى وصلتم إلى هذه البقع المقدسة، وحللتم بجوار هذه المشاعر المفضلة.
لقد كان آباؤكم وأجدادكم يتمنون الوصول إلى هذا ومع ذلك يشق عليهم، ويصعب عليهم الوصول؛ فالحمد لله الذي ذلل السبل، والحمد لله الذي هون الصعاب، والحمد لله الذي أعان العباد على أداء مناسكهم، وعلى الوصول إلى المشاعر التي يتعبدون بها.
أوصيكم أيها الإخوة بالإخلاص في الأعمال؛ فإنه شرط قبول الأعمال.
وأوصيكم بالمتابعة لسنة نبيكم؛ فهي الشرط الثاني من شروط قبول العمل؛ فالعمل لا يقبل إلا إذا اجتمع فيه هذان الشرطان: الإخلاص، والمتابعة.
ثبت عن الفضيل بن عياض - وهو من العبّاد في القرن الثاني، وبلده مكة أنه قرأ قول الله تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فقال: أخلصه وأصوبه. ثم قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل. فالخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة.
وقد أمر الله بالإخلاص في قوله تعالى: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وقوله تعالى: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ .
وكيفية الإخلاص أن يكون الإنسان حجه لوجه الله تعالى، لا يريد المباهاة، ولا يريد التمدح، ولا يريد الافتخار، وليس له قصد إلا العمل الصالح الذي يكون وسيلة لسبب المغفرة التي تترتب على هذه الأعمال وهذه المناسك.
فمن كان حجه لأجل المباهاة، أن يقول: إني أحج كل عام، أو حججت عشر حجات، أو نحو ذلك، يتمدح بها في المجالس فليس له إلا ما نوى إنما الأعمال بالنيات .
وكذلك من كان حجه لأجل أن يشاهد الناس، أو ينظر إلى هذه البقع، أو يتذكر فيما فيه الناس، فهذه أيضا نية تفسد العمل.
أما إذا كان المسلم حجه لأجل المغفرة، ولأجل الرحمة، ولأجل الفوز بالجنة، ولم يكن يريد شيئا من عَرَض الدنيا، ولا من الافتخار بأعماله فإنه يرجى بذلك أن يترتب عليه المغفرة والنجاة من النار والفوز بالجنة.
تذكرون قول النبي -صلى الله عليه وسلم- العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة اشترط فيه أن يكون الحج مبرورا، وهو أن يكون صاحبه قد بر فيه، يعنى: صدق، الأبرار هم الصادقون، إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ الأبرار هم الصادقون في أعمالهم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ في آيات كثيرة، فنرجو أن نكون من هؤلاء الذين بروا في أعمالهم، وأخلصوا فيها.
كذلك نوصيكم أيضا بأن تكون نفقاتكم من الكسب الحلال الذي لا شبهة فيه ولا حرمة ، فإن العمل إذا كان فيه هذه الشبهة أوشك أن يرد العمل ولا يقبل، روي في حديث: أن الرجل إذا خرج بالنفقة الحرام وقال: لبيك وسعديك؛ ناداه مناد: لا لبيك ولا سعديك، زادُك حرام، ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مبرور فيجب على المسلم أن يحرص كل الحرص على أن يكون زاده ونفقته من الكسب الحلال.
كذلك أيضا أوصيكم بمتابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا العمل؛ فإنه الشرط الثاني لقبول العمل، وهو أن يكون العمل موافقا لسنة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم-.
ولأجل ذلك يأمرنا الله تعالى باتباعه -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وفي أفعاله، فيقول: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ويقول الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ .

line-bottom